2024-04-19
 إعلان بخصوص استقبال الاخوة المراجعين يومي الأربعاء والخميس 17 و 18 نيسان الحالي بين الساعة العاشرة صباحاً حتى الواحدة ظهراً   |    

الرئيس الأسد لصحيفة تشرين: أهم شيء في حرب تشرين هو انتصار الإرادة والعقل العربي على الخوف والأوهام. أكبر انتصار اليوم هو أن نقضي على الإرهابيين والفكر الإرهابي

06 تشرين الأول , 2013

دمشق

أكد السيد الرئيس بشار الأسد في مقابلة مع صحيفة تشرين بمناسبة الذكرى الأربعين لحرب تشرين التحريرية نشرتها اليوم أن أهم شيء في حرب تشرين هو انتصار الإرادة والعقل العربي على الخوف والأوهام التي وضعت في عقل المواطنين العرب في المرحلة التي تلت حرب 1967.

وقال الرئيس الأسد إن الشعب السوري هو من صنع حرب تشرين بصموده واحتضانه للقوات المسلحة مؤكدا أن أول انتصار وأكبر انتصار اليوم هو أن نقضي على الإرهابيين والإرهاب والفكر الإرهابي والمخطط الذي وضعته بعض دول الخارج وساهمت فيه دول أخرى في منطقتنا من أجل تدمير سورية.

وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:

السؤال الأول: سيدي الرئيس.. منذ أربعين عاماً خاضت سورية حرب تشرين التحريرية.. كيف تبدو برأيكم سورية اليوم.. وما الذي تغير في المشهد العام داخلياً وخارجياً...

الرئيس الأسد..

أشياء كثيرة تغيرت خلال الأربعين عاماً الماضية مع تغير الأجيال وتغير الظروف طبعاً.. لكن لو أردنا أن نجري مقارنة سريعة ومختصرة بين تلك المرحلة وهذه المرحلة.. بين أجيال ذلك الزمن وما تعيشه أجيال الوقت الراهن نستطيع القول إنه منذ أربعين عاماً كانت الدول العربية موحدة بكل قطاعاتها وبكل جوانبها.. إعلامياً.. ثقافياً.. عقائدياً.. معنوياً.. سياسياً.. عسكرياً في وجه عدو واحد هو العدو الصهيوني.. اليوم نرى أن الدول العربية موحدة لكن ضد سورية.. أي نحن نتحدث عن شيئين متناقضين تماماً.. في ذلك الوقت كان الجيشان السوري والمصري يخوضان معركة واحدة ضد عدو واحد هو العدو الإسرائيلي.. اليوم للمصادفة في هذه الأسابيع الأخيرة.. الجيشان يخوضان أيضاً معركة ضد عدو واحد ولكن لم يعد العدو في هذه المرة هو العدو الإسرائيلي.. بل أصبح العدو الذي يقاتل الجيش السوري والجيش المصري هو عربي ومسلم.. من أربعين عاماً كانت ممارسة الخيانة والعمالة مستترة.. اليوم أصبحت ظاهرة ومعلنة وأصبحت خياراً.. خياراً للأشخاص.. خياراً للحكومات.. خياراً للمسؤولين العرب.. يختار أن يكون عميلاً أو لا يكون.. لا تناقش من منطلق المحرمات.. فهي لم تعد من المحرمات.. أعتقد أن أهم جانب هو جانب الهوية.. الهوية العربية كانت أكثر وضوحاً.. اليوم بعد أربعين عاماً هناك تمزق في الهوية العربية بين التوجه إلى الغرب والانبطاح أمام الغرب.. والانبهار بالغرب بلا منطق وبلا عقل.. وبين التطرف والانغلاق والتكفير.. فالهوية العربية اليوم ممزقة بين هذين الطرفين.. طبعاً هذا لا يلغي جوانب أخرى إيجابية.. ففي الأشهر الأخيرة نرى حالة وعي وطني على الساحة العربية نتيجة لما مر به العالم العربي خلال العقود الماضية ونتيجة تحولات مرتبطة طبعاً بالأزمة الحالية.

أهم شيء في حرب تشرين هو انتصار الإرادة والعقل العربي وأكبر انتصار اليوم هو أن نقضي على الإرهابيين والإرهاب والفكر الإرهابي

السؤال الثاني: سيدي الرئيس.. الجيش العربي السوري استطاع تحقيق انتصار حرب تشرين في عام 1973.. واليوم يخوض حرباً من نوع مختلف.. هل يمكن لنا أن نشهد تكرار انتصار حرب تشرين...

الرئيس الأسد..

غالباً ما نتحدث.. وغالباً ما يتحدث معظم الناس حول الانتصارات في المعارك العسكرية فقط.. أي بالجانب العسكري أو بالمعنى العسكري فقط.. وغالباً ما يبدؤون بقياس الانتصارات من خلال الأمتار التي كسبتها الجيوش أو التي خسرتها.. وكثيراً ما قيمت حرب تشرين انطلاقاً من هذا الموضوع.. ولكن الحقيقة أن مفهوم الانتصار هو أشمل من ذلك.. أهم شيء في حرب تشرين هو انتصار الإرادة.. أهم شيء في حرب تشرين هو انتصار العقل العربي.. عندما تمكن هذا العقل من معرفة أين تكمن مصلحته الحقيقية.. هذا العقل الجماعي لكل المجتمع العربي أو للدول العربية تمكن من تحويل هذه الرؤيا إلى تنفيذ أو تطبيق عملي أدى إلى انتصارات حرب تشرين وأهمها الانتصار على الخوف والانتصار على الأوهام التي وضعت في عقل المواطنين العرب في المرحلة التي تلت حرب 1967 والتي سبقت حرب 1973.. تمكن العقل العربي حينها من هزيمة هذا الوهم. اليوم إذا أردنا أن نتحدث عن انتصار وخاصة أننا نعيش حرباً ولو بشكل مختلف ومع عدو آخر.. فنستطيع أن ننظر للانتصار بنفس الطريقة.. لأن الانتصار.. إذا أردنا أن نبدأ بالحديث عنه أو العمل من أجله.. فيجب أن يكون لدينا رؤية أشمل تتجاوز قضية الأعمال العسكرية اليومية التي تتم والتي تحقق فيها القوات المسلحة تقدماً جيداً.. ولكن هل نحن نمتلك هذا العقل لكي نحقق هذا الانتصار... الخطوة الأولى في ذلك هي أن نعرف مصلحتنا كمواطنين سوريين.. أن نتوحد.. أن نفرق ما بين الخلافات السياسية والاختلاف على الوطن.. فنحن ننتصر أولاً عندما نتوحد تجاه القضية الرئيسية وهي الإرهاب الذي يأتي جزء منه من داخل سورية والجزء الأكبر الآن هو مورد إلى سورية من قبل الخارج.. عندها يبدأ الانتصار الحقيقي من خلال توحيد المجتمع.. لأن وحدة هذا المجتمع هي التي ستعطي القوات المسلحة العامل الأكبر لتحقيق الانتصار بأسرع وقت ممكن.. فبالعودة إلى السؤال.. نعم نستطيع أن نحقق هذا الانتصار.. وأول انتصار وأكبر انتصار اليوم هو أن نقضي على الإرهابيين والإرهاب والفكر الإرهابي.. وبالتالي أن نقضي بالمحصلة على المخطط الذي وضعته بعض دول الخارج وساهمت فيه دول أخرى في منطقتنا من أجل تدمير سورية.. الأهم من ذلك هو أن نؤمن بهذا الانتصار.. عندما يوجد الإيمان داخل كل إنسان فينا بأننا قادرون على الانتصار.. فبكل تأكيد سنحقق النصر.

السؤال الثالث: السيد الرئيس.. الشعب السوري كان وراء قيادته وجيشه في حرب تشرين يشكل لحمة وطنية عالية.. يبدو أن بعضاً من هذا الشعب قد تغيرت خياراته تجاه العدو الأزلي "إسرائيل" ترى هل هو تقصير من الدولة ومؤسساتها ودور المجتمع المدني... أم هي ضريبة العولمة والحروب الإعلامية المكثفة... أم هو انخراط في مؤامرة ذريعتها حرية وديمقراطية أسقطته في فخها...

الرئيس الأسد..

عندما يكون هناك خلل على المستوى الوطني.. فكل الوطن وكل المواطنين مسؤولون عن هذا الخلل بدرجات متفاوتة.. طبعاً أول من يتحمل مسؤولية أي خلل على المستوى الوطني بشكل طبيعي هو الحكومة.. أي حكومة.. يأتي بعدها دور الأحزاب الموجودة.. وبعدها دور الجمعيات الأهلية والمؤسسات الخاصة المختلفة.. ثم يأتي دور كل فرد في منزله وفي مجتمعه وفي أي مكان.. هنا نسأل أنفسنا سؤالاً.. عندما يكون لدينا خلل.. كأن يكون لدينا مرتزق سوري.. متطرف سوري.. مجرم سوري.. بغض النظر عن العوامل الخارجية.. لنضعها جانباً الآن.. فهل هؤلاء هم من إنتاج الخارج... هم أولاً من انتاج الداخل.. فإذا كانت هناك مؤثرات أتت من الخارج فهي أثرت لأن هناك خللاً في بنية هذا الفرد.. فإذاً علينا أولاً أن نحمل أنفسنا المسؤولية في هذا الخلل الذي نتحمله بشكل جماعي.. لكن علينا أن نقول بأنه في سورية هناك أزمة أخلاق.. أي عندما نتحمل هذه المسؤولية يجب أن نقول أن أساسها أزمة أخلاق.. وهذا يختلف عما بين هذه المرحلة وربما مراحل سابقة مرت في سورية لها أسباب موضوعية وأسباب أخرى خارجة عن إرادتنا.. الأسباب الموضوعية هي تقصيرنا في التواصل مع أنفسنا في تكريس التاريخ السوري المعتدل بكل معانيه.. بالمعنى الاجتماعي.. بالمعنى السياسي.. بالمعنى الديني. هذا هو تاريخ سورية منذ قرون فلماذا نخسره في بضع سنوات أو بضعة عقود... هذا يعني بأننا لم نتمكن من المحافظة على هذا التراث الذي ورثناه أباً عن جد لمراحل طويلة.. فإذاً هذا نتحمل مسؤوليته في سورية.. أي التواصل مع بعضنا البعض. جزء من المشكلة هو عدم التواصل مع الأجيال الجديدة الصاعدة مع زيادة ضغوط الحياة.. مع زيادة المتطلبات الاستهلاكية للحياة وزيادة المغريات.. هنا تأتي العوامل الخارجية وهي دخول الفضائيات في عملية تثقيف هذا الشاب.. تأتي وسائل التواصل الاجتماعي عبر الانترنت التي قامت بعمل أكبر تأثيراً من التأثير الذي قمنا به نحن في سورية سواء على مستوى الحكومة أو باقي المؤسسات وحتى الأفراد.. فإذاً نعم نحن نحمل جزءاً من المسؤولية في هذا التراجع الأخلاقي الذي كان أحد العوامل الأساسية لهذه الأزمة التي نعيشها. لو كان هناك وعي للمخاطر بشكل جدي.. لو كان هناك وعي لمتطلبات الحياة الحديثة والتقنيات الحديثة وتأثيرها السلبي على الأجيال الناشئة.. لو كان هناك وعي لكل هذه الأمور لكان بالامكان إما أن نتلافى الأزمة نهائياً أو أن نخفف الكثير من آثارها على البلد.. مع ذلك أنا أقول بأن هذه التجربة كانت تجربة قاسية ولكنها ربما كانت ضرورية لنا كمجتمع سوري.. ربما لو تأخرت أكثر لكانت نتائجها أصعب وأسوأ.. فالمهم الآن.. بما أننا لا نستطيع أن نعيد الزمن إلى الخلف.. أن نستفيد مما حصل ونسأل أنفسنا لماذا حصل.. وما تأخرنا في معالجته لاحقاً يجب أن نبدأ بمعالجته مباشرة حتى قبل انتهاء الأزمة.. لأن هذه المنطقة هي منطقة أزمات عبر التاريخ.. فإن مرت هذه الأزمة بسلام ولم نتعلم الدروس.. فالأزمات المقبلة ربما مع أجيال مقبلة بكل تأكيد لن تمر بسلام.

موافقة سورية على المبادرة الروسية لا علاقة لها بالتهديدات الأمريكية.. والجانب الأهم هو أن تكون الخريطة السياسية في العالم في خدمة المصالح السورية والاستقرار بالمنطقة

السؤال الرابع: سيدي الرئيس.. هل قايضتم الحل السلمي للأزمة السورية مقابل تسليم سلاح الردع الكيميائي... وما رأيكم فيما يقال بأن هذه المبادرة كانت استجابة للتهديدات الأمريكية...

الرئيس الأسد..

بداية.. السلاح الكيميائي السوري تم البدء بإنتاجه في الثمانينات لردم الفجوة التقنية في الأسلحة التقليدية بين سورية وإسرائيل.. وقلة من الناس يعرفون بأن سورية توقفت عن انتاج هذه الأسلحة في النصف الثاني من التسعينات.. لأنه في ذلك الوقت كان قد تم ردم جزء أساسي من تلك الفجوة بالرغم من تقدم إسرائيل المستمر في الجانب العسكري من خلال الدعم الأمريكي لها. وفي بداية الألفية الثانية كانت سورية ما تزال تتقدم وبتسارع كبير في هذا المجال.. المجال التقليدي.. ولم يعد هناك حاجة كبيرة لهذا السلاح.. فقمنا بناءً على هذا الشيء بطرح مبادرة في مجلس الأمن عام 2003 لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.. ومن عرقل هذا المشروع هو الولايات المتحدة.. لأنها لا تريد أن تحرج إسرائيل بهذا النوع من الاتفاقيات على اعتبار أن هذا المشروع يشمل كل الدول بما فيها الكيان الإسرائيلي..

طبعاً لم ينجح هذا المشروع كما قلت. النظرة الآن لموضوع السلاح الكيميائي أراها أيضاً غير واضحة بالنسبة للكثيرين.. البعض ربما يشعر بالراحة لأنه تم استخدام هذه الورقة من أجل تجنب حرب أمريكية مجنونة على سورية وبالتالي تدمير المنطقة.. ومن ينظر إلى أن تسليم سورية السلاح الكيميائي والتوقيع على الاتفاقية الدولية بالنسبة لهذا السلاح تحمي سورية من حرب فهي نظرة ضيقة الأفق وساذجة.. لأن الولايات المتحدة بتاريخها العدواني والتخريبي على مدى عقود من الزمن وبشكل خاص بعد الحرب العالمية الثانية ليست بحاجة لمبررات.. هي تستطيع إيجاد مبررات كل يوم.. وإذا فقدت مبرراً تبحث عن مبرر آخر في ظرف آخر.. فهذه النظرة هي نظرة ضيقة ومحدودة.. وبالتالي يجب أن ننظر للموضوع الآن في الإطار الأشمل وخاصة التحولات التي بدأت تحصل على مستوى الساحة الدولية والخريطة السياسية التي بدأت تنشأ.. وكان استخدام هذه الورقة من قبل سورية هو في إطار تعزيز هذه الخريطة بشكلها الذي يخدم سورية ويحميها بشكل مباشر.. وفي هذا الإطار أنا أقصد الدور الروسي.. الذي بدأ يظهر بقوة خلال الأزمة السورية.. ويسير بتصاعد مستمر.. وكما لاحظنا في قمة مجموعة العشرين "جي 20" دخلت روسيا كما كان يفترض البعض في الغرب.. على أنها وحيدة ومنعزلة إلى القمة ولكنها خرجت ومعها العدد الأكبر من هذه الدول.. وخرجت الولايات المتحدة منعزلة على خلفية المبادرة الروسية التي طرحت في القمة لكن لم يتم الإعلان عنها حينها.

بالحقيقة هذه المبادرة كان اتفق عليها بين سورية وروسيا.. وطرحتها روسيا.. ولكن تم إعلانها لاحقاً بطريقة مختلفة.. فبالنسبة لنا.. البيئة التي لم تنجح معنا في عام 2003 لطرح فكرة التخلص من السلاح الكيميائي.. توفرت من خلال المبادرة الروسية.. ولكن لأهداف مختلفة.. وفي ظروف مختلفة.. وبالتالي كانت النتيجة أن استخدام هذه الورقة لتعزيز الموقف الروسي والصيني وموقف الدول الأخرى الداعمة لسورية.. يخدم بطريقة أخرى قوة الموقف السوري في مواجهته لهذه الأزمة.

وبالتالي.. فإن موافقة سورية على هذه المبادرة لا علاقة لها بالتهديدات الأمريكية.. فهذه التهديدات لم تكن مرتبطة عملياً بتسليم السلاح الكيميائي.. بل كان التهديد هو ضربة عنوانها منع سورية من استخدام السلاح مرة أخرى.. وحقيقة الأمر أن المبادرة كانت مفاجأة للجانب الأمريكي.. والدليل أن جون كيري طرح لاحقا.. على خلفية عرض المبادرة في قمة الدول العشرين "جي 20" كما ذكرت .. تسليم السلاح السوري خلال أسبوع.. وكان يتوقع بأن سورية لن تستجيب.. ففوجئ بالاستجابة التي تمت خلال ساعات.. عندما كان وزير الخارجية السوري في روسيا.. فلا يمكن لدولة أن تفكر بموضوع كبير من هذا النوع خلال ساعة مثلاً.. والفريق السياسي كان موجوداً في موسكو ولم يكن موجوداً في دمشق.. هذا أكد أن الموضوع كان محضراً مسبقاً.. ولم يكن مطروحا من قبل الولايات المتحدة.. فلم تكن الموافقة تنازلاً لمطلب أمريكي.. ولم يكن هذا المطلب موجوداً أساساً.. هذه هي النقطة المهمة.. إنما كانت مبادرة استباقية في جانب منها لتجنيب سورية الحرب.. والمنطقة معها.. ولكن الجانب الأهم هو أن تكون الخريطة السياسية الموجودة في العالم هي في خدمة المصالح السورية.. والاستقرار في المنطقة.

سلاح التدمير الشامل الحقيقي المستخدم الآن ضدنا والذي علينا أن نفكر بردع تجاهه هو سلاح التطرف الذي دخل إلى البلد

السؤال الخامس: سيدي الرئيس.. كيف لكم أن تطمئنوا الشارع السوري بأن هذا التسليم للأسلحة الكيميائية لا يفقد الجيش العربي السوري قدرته على ردع إسرائيل.. وبالتالي هل من ضمانات تلقتها سورية تجاه ذلك فيما إذا قامت إسرائيل بشن عدوان عليها بعد تسليمها سلاحها الكيميائي الرادع...

الرئيس الأسد..

أسلحة الدمار الشامل هي أسلحة لم تستخدم عبر الحروب العربية الإسرائيلية سابقاً.. لنقل بأنها الأسلحة الانتحارية.. فلا شك بأن الدول التي تتمكن من تحقيق قفزات إلى الأمام بالأسلحة التقليدية.. سيكون هو الخيار الأفضل والأكثر فعالية.. لأنه هو الخيار المتاح استخدامه بشكل طبيعي في أي حرب من الحروب.. نحن نتحدث الآن من جانب عسكري.. كل هذه الظروف هي التي أدت لأن نفكر بهذه الطريقة من خلال المبادرة الروسية.

فإذاً قوتنا نحن كدولة من الناحية العسكرية هي في الجانب التقليدي.. الأهم من ذلك.. لو عدنا لبداية الأزمة وسياق الأزمة.. الروس والصينيون استخدموا الفيتو ثلاث مرات في وجه القرارات التي حضرتها مجموعة الدول الغربية وخاصة أمريكا وفرنسا وبريطانيا بدعم من الدول العربية.. لو لم تستخدم هذه الفيتويات ولو لم يكن هناك موقف روسي وصيني صلب.. في مجلس الأمن وفي المحافل الدولية.. بكل تأكيد كان وضع سورية أخطر بكثير من اليوم.. كان هذا يعني حظراً جوياً.. واعتداء على سورية من عدة دول.. وتدمير وتخريب.. أسوأ بكثير حتى من التهديد الأمريكي.. فعندما ننظر للمبادرة الروسية.. وتسليم السلاح الكيميائي في هذا الإطار.. يجب أن نفكر بأن الحماية أولاً كانت موجودة في سورية.. ولكن بكل تأكيد الاستجابة للمبادرة الروسية ستؤدي للمزيد من قوة الموقف الروسي.. وبالتالي للمزيد من الحماية لسورية.. على المستوى الدولي وبشكل مباشر.. وقد أكد المسؤولون الروس وفي مقدمتهم الرئيس بوتين بأن روسيا ستبقى مستعدة لدعم سورية عسكرياً وملتزمة بكل العقود التي تجعلها قادرة على الدفاع عن أراضيها..

هذا جانب من الضمانات. طبعاً نحن الآن لا نستطيع أن نعلن كل شيء لأن هذا الموضوع لا يتعلق بنا فقط كسورية.. وإنما يتعلق بدور دولة أخرى هي روسيا.. يمكننا القول بالعناوين العامة بأننا نستطيع أن نكون أكثر اطمئناناً الآن مقارنة بالظروف التي سبقت المبادرة الروسية.

لكن أنا أريد أن أؤكد على نقطة هامة.. وهي أن سلاح التدمير الشامل الحقيقي المستخدم الآن ضدنا.. والذي علينا أن نفكر بردع تجاهه.. هو سلاح التطرف الذي دخل إلى البلد ويدمرها.. فاليوم هذا السلاح أخطر من أي سلاح آخر.. وبعض الدول بما فيها إسرائيل تستخدمه ضدنا ونحن علينا أن نركز الآن على هذا السلاح.. فإذاً لدينا عدة أخطار علينا أن نفكر بكيفية إيجاد سلاح ردع لها.. وأهمها الآن كيف نواجه الإرهاب.. هذه الأولوية الآن في هذه المرحلة.

كل يوم هو مناسب لمؤتمر جنيف وسورية جاهزة دائماً منذ أن طرح الموضوع ووافقنا عليه ولكن الكرة في الملعب الأمريكي والدول التابعة لأمريكا في منطقتنا

السؤال السادس: حددت عدة مواعيد لـ "جنيف 2" ولم نسمع مرة واحدة أن سورية طرحت مواعيد له.. برأيكم متى يمكن أن ينعقد "جنيف 2" وما هي الشروط السورية...

الرئيس الأسد..

المواعيد التي طرحت سابقاً هي مواعيد افتراضية وغالباً طرحت من قبل الإعلام.. يعني عملياً لا يوجد طرح محدد من قبل أي دولة لعدة أسباب.. السبب الأول أن الإدارة الأمريكية لم تتمكن من شيئين.. لم تتمكن من تحقيق انتصارات كبرى على الأرض في سورية.. كانت تعتقد بأنها ضرورية للوصول إلى "جنيف 2" وبالتالي تقديم تنازلات من قبل الدولة للمجموعات التابعة لأمريكا وللغرب وللسعودية ولتركيا.. السبب الثاني لأنهم لم يتمكنوا من إيجاد ما يسمونه المعارضة الموحدة.. والتي كانت تنتقل من تفكك إلى تفكك أكبر والمزيد من الانفراط.. السبب الثالث لأنهم لم يتمكنوا من خلق قاعدة شعبية لهذه المجموعات على الأرض. هذه الأسباب التي أدت لأن يماطل الأمريكيون في انعقاد مؤتمر "جنيف 2" وأنا أعتقد بأنهم سيستمرون بهذه المماطلة.. لذلك نحن بالنسبة لنا في سورية نقول دائماً بأن كل يوم هو مناسب لمؤتمر جنيف.. فسورية جاهزة دائماً منذ أن طرح الموضوع ووافقنا عليه.. ولكن الكرة في الملعب الأمريكي والدول التابعة لأمريكا في منطقتنا.

مداخلة: هل هناك من شروط...

الرئيس الأسد..

لا توجد لدينا شروط سوى عدم التفاوض مع الإرهابيين وإلقاء السلاح وعدم الدعوة للتدخل الأجنبي.. الشرط الأساسي أن يكون الحل سورياً وأن يكون الحوار سياسياً.. أما إذا كان الحوار هو حوار بالسلاح فلماذا نذهب إلى جنيف...

محاربة الإرهاب هي أولوية الآن

السؤال السابع: سيدي الرئيس.. الشارع السوري يعاني الآن من فقدان يتعاظم للأمن والأمان إضافة إلى الإرهاب الدولي المنظم وانتشار عصابات السرقة والخطف.. والمواطن بات اليوم بحاجة للعيش بأمان.. هل من حلول جذرية لهذا الأمر المقلق.. وخاصة أن الحرب على الإرهاب قد تطول سنوات...

الرئيس الأسد..

طبعاً.. الحل لا يمكن أن يكون إلا جذرياً.. الحل لا يمكن أن يكون جزئياً.. الحل الجزئي هو كأن لا حل.. وهذا الوضع الذي تتحدثين عنه هو ما كان يقلقنا في بداية الأزمة عندما كنا نحذر من أن ما يحصل ليس مسيرات سلمية.. وليست عملية إصلاح ولا ديمقراطية وكان الكثيرون في الخارج وفي الداخل لا يصدقون هذا الكلام.. الآن هذا القلق أصاب الجميع دون استثناء بغض النظر عن الانتماءات والتيارات السياسية.. حتى الذين شكلوا حاضنة للإرهابيين والمسلحين ومن قبلهم الفوضويون والمخربون قبل أن يأخذ الإرهاب شكله الصارخ.. حتى هؤلاء بدؤوا الآن يشتكون من الوضع ويبحثون عن حل. طبعاً.. أن تأتي متأخراً أفضل من أن لا تأتي أبداً.. والحل مهما تأخر لا يمكن أن يكون مستحيلاً ولكن يكون أصعب ويكون بثمن أكبر من قبل.. في كل الأحوال نحن أمام خيارين الآن لا ثالث لهما.. الأول.. أن نستسلم للإرهابيين.. ورأينا ما الذي يحصل الآن في ليبيا وماذا فعلوا في مصر وكيف يحصل في تركيا في المناطق التي بدأ الإرهابيون ينتشرون فيها وفي لبنان وفي مناطق مختلفة من العالم العربي.. وبالتالي هذا الخيار غير مقبول.. والخيار الآخر هو أن ندافع عن الوطن وعن سورية ولكن هذا يتطلب.. كما طرحت في بداية المقابلة.. أن نتوحد مع بعضنا البعض بغض النظر عن الخلافات السياسية ونتفق فوراً على تحديد العدو. العدو في هذه المرحلة هو الإرهاب.. مهما تحدثنا عن حوارات سياسية وعن "جنيف 2" وحوار داخل سورية أو خارج سورية.. وكل هذا الكلام الجميل والجيد.. فإننا إن لم نحارب الإرهاب فنحن نخدع أنفسنا.. محاربة الإرهاب هي أولوية الآن.. فيجب أن نتوحد في هذا الموضوع أولاً.. وثانياً يجب أن نبتعد عن الاتكالية.. لدينا مجموعات في سورية بدأت ترى القضية بشكل موضوعي وهناك مجموعات رأتها منذ البداية ولكن كلا هاتين المجموعتين يتكل على الآخرين.. يعني أن نتكل على غيرنا لن نحقق أي شيء على الأرض.. وبالتالي لن يكون هناك حل قريب وستطول الأزمة وكلما طالت صعب حلها.

أغلب دول العالم اليوم تعرف ما الذي يحصل في سورية وتقف الآن مع سورية بالنسبة للحل

السؤال الثامن: هل تعتقدون أن توجه المجتمع الدولي نحو الحل السياسي قد ينعكس إيجاباً على الوضع الداخلي في سورية من حيث ما يجب أن يترجمه الغرب من رفع العقوبات الدولية عن سورية...

الرئيس الأسد..

لا أعتقد بأن الغرب تخلى عن عقليته الاستعمارية.. والغرب ما زال يعتمد على سياسة الهيمنة.. لكن الغرب يستطيع أن يحاصرنا عندما ننظر الى هذا الغرب على أنه الخيار الدولي الوحيد أمامنا سياسياً واقتصادياً وفي كل المجالات الأخرى.. منذ أكثر من عشر سنوات لم يعد الغرب هو الخيار الوحيد.. ولكننا لم نتحرك بشكل جدي باتجاه الخيارات الأخرى.. بمعنى بناء العلاقات المختلفة والمصالح مع دول العالم الأخرى.. مع أننا طرحنا في عام 2005 فكرة التوجه شرقاً. الآن هذا الحصار الغربي سيساعدنا بأن ننفتح أكثر على الخيارات الأخرى الموجودة.. وأعتقد أن هذه الخيارات تلبي معظم الحاجات الأساسية وغير الأساسية بالنسبة لسورية وبالنسبة لمختلف الشعوب الأخرى التي يمكن أن يحاول الغرب أن يهيمن عليها.. فلم تعد قضية الحصار الغربي هي مشكلة كبيرة إذا تمكنا من فتح العلاقات بشكل أفضل مع باقي دول العالم وخاصة أن ما يسمونه المجتمع الدولي اليوم والذي يحاصرنا هو أقلية ولم يعد أكثرية. أغلب دول العالم اليوم تعرف ما الذي يحصل في سورية.. وأغلب دول العالم تقف الآن مع سورية بالنسبة للحل وخاصة عندما يكون الحل سياسياً عبر مؤتمر "جنيف 2".

السؤال التاسع: ما دور الغرب فعلياً في هذا الحل السياسي...

الرئيس الأسد..

إذا أراد الغرب أن يقوم بحل فهو قادر على المساعدة في هذا الحل.. لكن هذا العمل يبدأ من إيقاف دعم المجموعات الارهابية في سورية سواء الموجودة داخل سورية أو التي تأتي من الخارج بشكل مستمر.. أن يتوقف عن مدها بالسلاح ودعمها معنوياً.. سياسياً.. إعلامياً.. ومالياً.. طبعاً ليس بالضرورة أن يكون هذا الغرب هو الذي يقوم بهذه الأعمال وإنما من خلال أدواته في المنطقة وفي مقدمتها السعودية وتركيا.. إذا كان هناك حل سياسي ينطلق من هذه الفكرة.. عندها نستطيع أن نقول إن هناك حلاً سريعاً للأزمة في سورية.

ما زالت السعودية تقوم بإرسال الإرهابيين وبدعمهم بالمال وبالسلاح وما زالت تركيا تقدم لهم الدعم اللوجستي وتسهل لهم الحركة والدخول إلى سورية

السؤال العاشر: في ظل ما يجري من توافق روسي أميركي.. إذا صحت التسمية.. سواء كان ظاهرياً أم مبدئياً.. أين أصبحت السعودية وقطر وتركيا.. مثلث التآمر الإقليمي على سورية...

الرئيس الأسد..

هذه الدول كما هو معروف تابعة للأجندة الأميركية.. إذا أردت أن تعرفي أين تذهب أو أين تتجه فعليك أن تنظري إلى السياسة الأميركية فهي تسير بنفس الاتجاه.. وهذا أمر مفروغ منه.. وبشكل أساسي اليوم السعودية وتركيا بعدما تخلت قطر عن دورها لصالح السعودية.. لذلك إذا أردنا أن نعرف هذا الموضوع انطلاقاً من الاتجاهات الأميركية يجب أن نسأل هل أميركا فعلاً اليوم صادقة في موضوع التوافق الروسي الأميركي... أم أنها تلعب لعبة وقت... أم أن لديها أجندة مخفية أخرى...

من معرفتنا بالجانب الأميركي.. لا يمكن الوثوق به.. لا يمكن لأقرب حلفاء أميركا أن يقدموا ضمانات لأي شيء تعلنه أميركا.. فالولايات المتحدة ليس من تاريخها الالتزام بأي شيء تقوله.. ويمكن أن تقول شيئاً في الصباح وتفعل عكسه في المساء.. لذلك ما أراه بأن الولايات المتحدة غير صادقة بموضوع التوافق مع روسيا ولم ينعكس هذا التوافق على الأقل حتى اليوم على أداء هذه الدول.. فما زالت السعودية تقوم بإرسال الإرهابيين وبدعمهم بالمال وبالسلاح.. وما زالت تركيا تقدم لهم الدعم اللوجستي وتسهل لهم الحركة والدخول إلى سورية.

الشعب السوري هو الذي صنع حرب تشرين بصموده وباحتضانه للقوات المسلحة

السؤال الحادي عشر: في السادس من تشرين الأول عام 2013 ماذا تقولون للشعب السوري.. للجيش العربي السوري ولصحيفة تشرين التي كانت ثمرة من ثمار انتصار حرب تشرين التحريرية...

الرئيس الأسد..

الشعب السوري هو الذي صنع حرب تشرين بصموده وباحتضانه للقوات المسلحة.. وهذا الشعب عمره آلاف السنين ومرت عليه كوارث طبيعية وحروب ومجازر وإبادات مختلفة.. ومع ذلك بقي هذا الشعب صامداً وقوياً وبقيت سورية وخاصة دمشق وحلب موجودتين عبر التاريخ في الوقت الذي انهارت فيه واختفت عن الوجود حضارات ومدن أخرى وعواصم في منطقتنا.. فهي ليست الأزمة الاولى وربما لن تكون الاخيرة بالنسبة للمدى المنظور وبالنسبة للأجيال المستقبلية.. فإذاً هذه الأزمة على شدتها يجب ألا تخيفنا وألا تجعلنا نشعر بأننا نفقد الأمل. الخطأ هو ألا نتعلم الدروس من هذه الأزمة لكي نكون أقوى في الأزمات المقبلة.. فإذا افترضنا بأن هذه المنطقة منطقة أزمات ودائماً ستأتينا الأزمات بأشكال مختلفة.. فإذاً يجب أن نستفيد من كل أزمة لكي نكون أصلب في مواجهة الأزمة القادمة.. هذا الشعب كما قلت هو الذي احتضن القوات المسلحة وهذه القوات المسلحة.. لو عدنا لتاريخ سورية منذ الاستقلال فهي التي صنعت تاريخ سورية بكل التفاصيل.. بالأحداث العسكرية منها أو الأحداث السياسية وفي مقدمتها الوحدة مع مصر التي صنعتها القوات المسلحة بالدرجة الأولى عندما ذهب وفد عسكري والتقى بعبد الناصر.. هي التي واجهت الاخوان المسلمين.. هي التي ساهمت في توحيد لبنان.. هي التي خاضت حرب تشرين التحريرية.. وما زالت هذه القوات المسلحة تصنع تاريخ سورية... اليوم ينظر الشعب السوري إلى هذه القوات المسلحة أيضاً نفس النظرة التي نظر إليها عبر تاريخه بعد الاستقلال.. هي نظرة الأمل في أن تتمكن من دحر الإرهابيين وإعادة الأمن والأمان إلى سورية.. كلنا ثقة بتاريخنا.. كلنا إيمان بالله وبالوطن وبهذا التاريخ.. وإيمان بأننا سننتصر بصمود ووعي الشعب.. وببسالة وشجاعة قواتنا المسلحة.

أختم كلامي بتوجيه رسالة لكم في جريدة تشرين بما أننا نجري المقابلة بهذه المناسبة وأنتم تحملون اسم هذه المناسبة الغالية على قلوب السوريين.. فعندما نتحدث اليوم عن حرب تخوضها سورية ذلك لا يعني أن الحرب يخوضها فقط العسكري.. وإنما يخوضها كل مواطن سوري كل من موقعه.. فعندما يذهب المعلم إلى المدرسة فهو يقاتل.. وعندما يذهب الطالب الى المدرسة وأهله يقومون بإرساله الى المدرسة فهذا أيضاً جزء من الحرب وجزء من الدفاع عن سورية.. عندما يذهب العامل والموظف وكل صاحب عمل خاص إلى عمله.. فأيضاً هذا جزء من المعركة.. وهذا ما تقومون أنتم به كإعلاميين.. وأنتم في الصف الأول لأنكم مهددون منذ البداية بأن تدفعوا ثمن مواقفكم الوطنية.. أتمنى أن تستمروا في حمل هذه الرسالة لكي تتمكنوا من التعبير عن جوهر حرب تشرين المتمثل بصمود الشعب وبسالة وقوة الجيش وإرادة الانتصار.. وبالتالي نقل هذه الرسالة إلى أوسع مدى تصل إليه وسيلتكم الاعلامية.. وبهذه المناسبة التي تصادف أيضاً ذكرى تأسيس صحيفتكم عام 1975 أوجه تحية لكل العاملين في جريدة تشرين وأتمنى لهم التوفيق.